17.2.10

الفساد ظلم

الفساد هو غياب العدالة والمساواة في أي بيئة كان ذلك ، في العمل بالدرجة الأولى وفي البيت وفي (قضايا) الحياة اليومية . والفساد أخطر ما يكون في الفعل ويكون خطرا أيضا على المفسد في القول ، ومن أجمل المفارقات أن الفساد ينمو فينمو في بيئته ثم ما يلبث أن ينهدم ويتفتت من ذات نفسه لأن الحقيقة تعلو الأكاذيب والحق يبني والباطل يدمر . وهذان المفهومان لا يخضعان لشريعة أو قانون أو حكم بل ينبعان من صفاء النفس البشرية وإنجبالها على الحب وحب الخير ومن ذلك يولد العطاء ونكران الذات.

ما دفعني لكتابة هذه السطور هو زيارتي لواحد من مراكز الثقافة واللغة الأجنبية (الغربية بالتحديد) في المدينة التي أسكن فيها. حيث وجدت زخما في هذا المركز ، الإتصالات الهاتفية تنهال على الموظفين من قبل زبائن مفترضين يسألون عن معلومات تخص خدمات يرغبونها من المركز في اللغة الإنجليزية ، وكان الموظفون منهمكون في حوارات مع الزبائن المفترضين أو من أولئك الذين تمت خدمتهم.

تسألت لماذا هذا الإهتمام الكبير باللغة الإنجليزية وتعلمها وتمنيت لو أن الإهتمام يكون للغة والثقافة العربية ويتوفر لها أنظمة إمتحانات ومساقات دراسية خاصة في بلدان العالم من خلال مراكز ثقافية (علما بأن هنالك مراكز ثقافية إسلامية في مناطق من العالم ممولة من قبل المؤسسات العربية الخليجية).

لا أحسد الغرب على لغته ومدى الإهتمام العالمي بها لأنهم أي الدول المنتجة لم يصلوا الى هذه المستوى من الإعتراف الكوني دون مقابل، ولكن غياب الفساد الى حد ما ووجود أنظمة محاسبة ومسآئلة فعالة ، وتشريع القوانيين ومراقبتها وإحترامها، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب كلها ساهمت في صنع حضارة حية ، تتفجر فيها الطاقات لتنتج المخترعات الحديثة التي نتعامل معها اليوم وتوفر الرخاء والترف لبني البشر
.
"الظلم يؤذن بخراب العمران"، فالمحسوبية والشللية والرشوة هي إفرازات أكيدة لفساد العقول والنفوس بحب المنصب والمال والجاه الزائف.
ولعل من أهم مظاهر الفساد ونتائجه هي ظهور المحسوبية والتنافس غير الشريف، ضياع الأمن وشيوع الخوف في المجتمع، طغيان عدم الثقة والريبة بين الزملاء في العمل أو بين أقطاب المجتمع من رجال مال وأعمال ومن ثم إنتشار الإنحراف والجريمة على نطاق واسع بسبب فقدان التضامن الإجتماعي والتكافل وستظطر الدولة الى التخلي عن مسؤوليتها كجهة ذات ولاية قانونية على رعاياها، وبعد ذلك تصبح مرتعا خصبا لأطماع الدول القوية من حولها.

بقلم خلدون عبد النبي القيسي
17 شباط 2010

No comments:

Post a Comment

You are welcome to comment and voice your opinion ...

youtube friendly player

True Nature

Khaldun Abd-al-Nabi

My photo
Abu Dhabi, United Arab Emirates
KHALDUN A. P. O. Box 16 Karak, Rabba khalduna@gmail.com EDUCATION Jordan University, Amman, Jordan, June 1999 B. A. in French Literature, note: 2.72 out of 4

Range 2, Team 2, JIPTC
Time in Doha - Qatar
blogger analytics